حادثة لقاء الامام الهادي(ع) بالمتوكل العباسي
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حادثة لقاء الامام الهادي(ع) بالمتوكل العباسي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانَ المتوكِّلُ من امكر الخلفاء العباسيين ، وأشدِّهم عِداءً للإمام علي الهادي ( عليه السلام ) ، فَبَلَغه مقام الإمام علي الهادي ( عليه السلام ) بالمدينة ، ومكانته ، وميل الناس إليه ، فخاف منه ودَعَا يحيى بن هرثمة ، وقال له : اِذْهب إلى المدينة ، وانظر في حالِهِ وأشخِصْه إلينا .
قال يحيى : فذهبتُ إلى المدينة ، فلمَّا دخلتُها ضَجَّ أهلُها ضجيجاً عظيماً ما سَمِع الناس بمثله ، خوفاً على عليٍّ ، وقامت الدنيا على سَاق ، لأنه كان محسناً إليهم ، ملازماً للمسجد ، ولم يكن عنده مَيل إلى الدنيا .
فجعلتُ أسكِّنُهم وأحْلف لهم أنِّي لم أؤمَر فيه بِمَكروه ، وأنَّه لا بأس عليه ، ثُمَّ فتَّشتُ منزلَه فلم أجد فيه إلاَّ مصاحف وأدعية ، وكتب العلم ، فعظُم في عيني ، وتولَّيتُ خدمتَه بنفسي ، وأحسنتُ عِشرتَه .
فلما قدمت به بغداد ، بدأتُ بإسحاق بن إبراهيم الطاهري ، وكان والياً على بغداد ، فقال لي : يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله ، والمتوكِّل من تعلم ، فإن حرَّضتَه عليه قتله ، و كان رسول الله خصمَكَ يوم القيامة .
فقلت له : والله ما وقفت منه إلاَّ على كلِّ أمر جميل .
ثمَّ سِرتُ به إلى ( سُرَّ مَنْ رَأى ) ، فبدأت بـ( وصيف ) التركي ، فأخبرتُه بوصوله ، فقال : والله لَئن سَقطَ منه شعرة لا يُطالَبُ بها سواك .
فلمّا دخلت على المتوكِّل سألني عنه ، فأخبرته بِحُسن سيرته ، وسلامَة طَريقته ، وَوَرعه وزهادته ، وأني فتَّشت داره فلم أجد فيها إلا المصاحف وكتب العلم ، وإنَّ أهل المدينة خافوا عليه ، فأكرمه المتوكِّل ، وأحسن جائزته ، وأجزل برَّه ، وأنزلَه معه سَامرَّاء .
ومع أنَّ الإمام ( عليه السلام ) كان يعيش في نفس البلد الذي يسكن فيه المتوكِّل ، وكانت العيون والجواسيس تراقبه عن كثب ، فقد وُشي به إلى المتوكِّل بأن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم بالوثوب على الدولة .
فبعث إليه جماعة من الأتراك ، فهاجموا دار الإمام ( عليه السلام ) ليلاً ، فلم يجدوا فيها شيئاً .
ثم وجدوا الإمام ( عليه السلام ) في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصى ، متوجِّه إلى الله تعالى ، يتلو آيات من القرآن الكريم ، فحمل على حاله تلك إلى المتوكِّل ، وقالوا له : لم نجد في بيته شيئاً ، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة .
وكان المتوكِّل جالساً في مجلس الشراب فأُدخِل عليه ، فلمَّا رأى المتوكل الإمام ( عليه السلام ) هَابَهُ ، وعظَّمه ، وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكأس التي كانت في يده .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( وَاللهِ مَا خَامَرَ لَحْمِي وَدَمِي قَط ، فَاعْفِنِي ) ، فأعفاه وقال له : أنشِدْني شعراً .
فقال الإمام الهادي ( عليه السلام ) : ( أنَا قَليلُ الروَايَةِ لِلشِّعْرِ ) ، فقال : لابُدَّ .
فأنشده الإمام ( عليه السلام ) وهو جالس عنده ، فقال :
باتوا على قللِ الاجبـال تحرسُهـم ** ** ** غُلْبُ الرجالِ فلم تنفعهمُ القُلـلُ
و استنزلوا بعد عزّ عـن معاقلهـم ** ** ** و أودعوا حفراً يابئس مـا نزلـوا
ناداهمُ صارخٌ من بعد مـا قبـروا ** ** ** أين الاسرّةُ و التيجـانُ و الحلـلُ
أين الوجوه التـي كانـتْ منعمـةً ** ** ** من دونها تُضربُ الأستارُ و الكللُ
فافصـحَ القبـرُ عنهم حيـن ساءلـهـم ** ** ** تلك الوجوه عليهـا الـدودُ يقتتـلُ
قد طالما أكلوا دهراً و ما شربـوا ** ** ** فأصبحوا بعد طول الأكلِ قد أكلوا
و طالما عمّـروا دوراً لتُحصنهـم ** ** ** ففارقوا الدورَ و الأهلينَ و ارتحلوا
و طالما كنزوا الأموال و ادّخروا ** ** ** فخلّفوها على الأعـداء و انتقلـوا
أضحت منازلُهـم قفـراً معطلـةً ** ** ** و ساكنوها الى الاجداث قد رحلوا
سـل الخليفـةَ إذ وافـت منيتـهُ ** ** ** أين الحماة و أين الخيلُ و الخـولُ
اين الرماةُ أمـا تُحمـى بأسهمِهـمْ ** ** ** لمّا أتتـك سهـامُ المـوتِ تنتقـلُ
أين الكماةُ أما حاموا أما اغتضبوا ** ** ** أين الجيوش التي تُحمى بها الدولُ
هيهات ما نفعوا شيئاً و ما دفعـوا ** ** ** عنك المنية إن وافى بهـا الأجـلُ
فكيف يرجو دوامَ العيش متصـلاً ** ** ** من روحه بجبالِ المـوتِ تتصـلُ
فبكى المُتوكِّلُ حتى بَلَّتْ لِحيَتَهُ دموعُ عَينَيه ، وبكى الحاضرون ، ثُمَّ ردَّ الإمام ( عليه السلام ) إلى منزلِهِ مكرَّماً .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانَ المتوكِّلُ من امكر الخلفاء العباسيين ، وأشدِّهم عِداءً للإمام علي الهادي ( عليه السلام ) ، فَبَلَغه مقام الإمام علي الهادي ( عليه السلام ) بالمدينة ، ومكانته ، وميل الناس إليه ، فخاف منه ودَعَا يحيى بن هرثمة ، وقال له : اِذْهب إلى المدينة ، وانظر في حالِهِ وأشخِصْه إلينا .
قال يحيى : فذهبتُ إلى المدينة ، فلمَّا دخلتُها ضَجَّ أهلُها ضجيجاً عظيماً ما سَمِع الناس بمثله ، خوفاً على عليٍّ ، وقامت الدنيا على سَاق ، لأنه كان محسناً إليهم ، ملازماً للمسجد ، ولم يكن عنده مَيل إلى الدنيا .
فجعلتُ أسكِّنُهم وأحْلف لهم أنِّي لم أؤمَر فيه بِمَكروه ، وأنَّه لا بأس عليه ، ثُمَّ فتَّشتُ منزلَه فلم أجد فيه إلاَّ مصاحف وأدعية ، وكتب العلم ، فعظُم في عيني ، وتولَّيتُ خدمتَه بنفسي ، وأحسنتُ عِشرتَه .
فلما قدمت به بغداد ، بدأتُ بإسحاق بن إبراهيم الطاهري ، وكان والياً على بغداد ، فقال لي : يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله ، والمتوكِّل من تعلم ، فإن حرَّضتَه عليه قتله ، و كان رسول الله خصمَكَ يوم القيامة .
فقلت له : والله ما وقفت منه إلاَّ على كلِّ أمر جميل .
ثمَّ سِرتُ به إلى ( سُرَّ مَنْ رَأى ) ، فبدأت بـ( وصيف ) التركي ، فأخبرتُه بوصوله ، فقال : والله لَئن سَقطَ منه شعرة لا يُطالَبُ بها سواك .
فلمّا دخلت على المتوكِّل سألني عنه ، فأخبرته بِحُسن سيرته ، وسلامَة طَريقته ، وَوَرعه وزهادته ، وأني فتَّشت داره فلم أجد فيها إلا المصاحف وكتب العلم ، وإنَّ أهل المدينة خافوا عليه ، فأكرمه المتوكِّل ، وأحسن جائزته ، وأجزل برَّه ، وأنزلَه معه سَامرَّاء .
ومع أنَّ الإمام ( عليه السلام ) كان يعيش في نفس البلد الذي يسكن فيه المتوكِّل ، وكانت العيون والجواسيس تراقبه عن كثب ، فقد وُشي به إلى المتوكِّل بأن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم بالوثوب على الدولة .
فبعث إليه جماعة من الأتراك ، فهاجموا دار الإمام ( عليه السلام ) ليلاً ، فلم يجدوا فيها شيئاً .
ثم وجدوا الإمام ( عليه السلام ) في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصى ، متوجِّه إلى الله تعالى ، يتلو آيات من القرآن الكريم ، فحمل على حاله تلك إلى المتوكِّل ، وقالوا له : لم نجد في بيته شيئاً ، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة .
وكان المتوكِّل جالساً في مجلس الشراب فأُدخِل عليه ، فلمَّا رأى المتوكل الإمام ( عليه السلام ) هَابَهُ ، وعظَّمه ، وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكأس التي كانت في يده .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( وَاللهِ مَا خَامَرَ لَحْمِي وَدَمِي قَط ، فَاعْفِنِي ) ، فأعفاه وقال له : أنشِدْني شعراً .
فقال الإمام الهادي ( عليه السلام ) : ( أنَا قَليلُ الروَايَةِ لِلشِّعْرِ ) ، فقال : لابُدَّ .
فأنشده الإمام ( عليه السلام ) وهو جالس عنده ، فقال :
باتوا على قللِ الاجبـال تحرسُهـم ** ** ** غُلْبُ الرجالِ فلم تنفعهمُ القُلـلُ
و استنزلوا بعد عزّ عـن معاقلهـم ** ** ** و أودعوا حفراً يابئس مـا نزلـوا
ناداهمُ صارخٌ من بعد مـا قبـروا ** ** ** أين الاسرّةُ و التيجـانُ و الحلـلُ
أين الوجوه التـي كانـتْ منعمـةً ** ** ** من دونها تُضربُ الأستارُ و الكللُ
فافصـحَ القبـرُ عنهم حيـن ساءلـهـم ** ** ** تلك الوجوه عليهـا الـدودُ يقتتـلُ
قد طالما أكلوا دهراً و ما شربـوا ** ** ** فأصبحوا بعد طول الأكلِ قد أكلوا
و طالما عمّـروا دوراً لتُحصنهـم ** ** ** ففارقوا الدورَ و الأهلينَ و ارتحلوا
و طالما كنزوا الأموال و ادّخروا ** ** ** فخلّفوها على الأعـداء و انتقلـوا
أضحت منازلُهـم قفـراً معطلـةً ** ** ** و ساكنوها الى الاجداث قد رحلوا
سـل الخليفـةَ إذ وافـت منيتـهُ ** ** ** أين الحماة و أين الخيلُ و الخـولُ
اين الرماةُ أمـا تُحمـى بأسهمِهـمْ ** ** ** لمّا أتتـك سهـامُ المـوتِ تنتقـلُ
أين الكماةُ أما حاموا أما اغتضبوا ** ** ** أين الجيوش التي تُحمى بها الدولُ
هيهات ما نفعوا شيئاً و ما دفعـوا ** ** ** عنك المنية إن وافى بهـا الأجـلُ
فكيف يرجو دوامَ العيش متصـلاً ** ** ** من روحه بجبالِ المـوتِ تتصـلُ
فبكى المُتوكِّلُ حتى بَلَّتْ لِحيَتَهُ دموعُ عَينَيه ، وبكى الحاضرون ، ثُمَّ ردَّ الإمام ( عليه السلام ) إلى منزلِهِ مكرَّماً .
كاظم المسافر- عدد المساهمات : 188
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
العمر : 40
الموقع : امبراطورية الحب العظمى
رد: حادثة لقاء الامام الهادي(ع) بالمتوكل العباسي
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد
بارك الله بك وبطرحك
جعله الله في ميزان حسناتك
sly boy- عدد المساهمات : 141
تاريخ التسجيل : 29/08/2009
الموقع : السماوة
رد: حادثة لقاء الامام الهادي(ع) بالمتوكل العباسي
اشكرك جزيل الشكر
اخي العزيز
على مرورك الذي
ينور صفحات مساهماتي
وربي لايحرمنا منك
اخي العزيز
على مرورك الذي
ينور صفحات مساهماتي
وربي لايحرمنا منك
كاظم المسافر- عدد المساهمات : 188
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
العمر : 40
الموقع : امبراطورية الحب العظمى
مواضيع مماثلة
» حادثة انشقاق القمر للرسول الاعظم صلى الله عليو والة وسلم
» من حكم سيد البلاغ والمتكلمين الامام علي (ع)
» من حكم سيد البلاغ والمتكلمين الامام علي (ع)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى